العائلة المختارة

العائلة المختارة

حينما يُولد الشخص يكون ضمن عائلة كُتبَ لهُ أن يكون أحدَ أفرادِها، وهي علاقة مفروضة ليست اختيارية، لكنَّ ذلِكَ لا يعني أنها الوحيدة، فبإمكانِنا تأسيس عائلة أُخرى، وهي ما يُسمى بالعائلة المُختارة، تلك التي نُحدِّدُ أفرادَها وننتقيهم بعناية، بناءً على مجموعة من الأُسُس والمعايير، القيم والمبادئ التي تتناسب معنا، ألا وهُم الأصدقاء، إن الصديق بمثابة أخ لم تلدْه أُمُّك، هو جزءٌ منك في جسدٍ آخر، هو ذلك الشخص الذي تستودعُه أسرارك ومشاعرك دون أن تخاف، فإن أخطأت التمسَ لكَ العُذر، وإذا غِبت  سألَ عنك، وإن احتجتَهُ وجدتهُ سندُك، هو الذي يصدُقُك النُصح والكلام، يؤمِّنُك الخوف ويمنحك الطمأنينة، يحفظُ لك الوِد ويصونُ لك العشرة، الصديق الحقيقي هو من يصحبُكَ معهُ للخير، ويخشى عليك الضرر، يفرحُ بنجاحِك ويُحزِنُهُ فشلُك، يمُد لك يدَ العون، ويجتازُ معكَ الصِعاب، الصديق هو ذلك الذي يَفهمُك قبل أن تتحدث، يشعُر بِك دون أن تفصح، إن الصديق يا صديقي شيء يُصعب وصفُه، وليس من السهل أن تجدَه، فالصديق الحقيقي سيصحبُك معهُ للرفعةِ والفلاح، أمَّا الصديق المُزيف سيُظهِرُ لك الخير ويُبطِّنُ الشر، يتحدثُ عنكَ بالسوء، ويتمنى لكَ الضُر، يُحرضُك على الكُره والجدال، ويُوصِلُك للحقد والضغينة، إن الصديقَ السيئ سيوقِعُك دون أن تُدرِك، وسيُسببُ لك الهلاك، سيؤثر على ثِقَتِك بنفسِك وعلى صحَّتِكَ النفسية، فعن أَبي موسى الأَشعَري: أَن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ”: إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ(يُعطيك)، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً “متفقٌ عَلَيهِ.

ولكي تجد ذلك الصديق الفعلي، يجب عليك أن تضع معايير واضحة منذُ البداية، لكي لا تتوه في منتصفِ الطريق، واحرِص في اختيارِك على ذي الدينِ والخُلُقِ الحسن، فإنْ حَفِظَ الشخصُ دينَهُ وحسُنت أخلاقُهُ فقد فاز، فتُعتبر الصداقة أحد أقوى العلاقات التي تُساعد الإنسان على الاستمتاع بالحياة، كما أنّها علاقةٌ معروفةٌ منذُ القِدم، وذلك لأنّها علاقة إنسانية قوية، مبنية على التوافُق والقَبول، وهي تُساعد الشخص على تكوين علاقات اجتماعيه متنوعة، كما أنها تدعم صِحتهُ النفسية ، وتزيد من عزيمته وثِقتِه،  ومن أروع الأمثلة التي يُحتذى بها في الصداقة ، صداقة الرسول عليه افضل الصلاة والسلام مع أبي بكر رضي اللهُ عنه، فقد كان يقول فيه :  (ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِن أُمَّتي لاتَّخَذْتُ أبا بَكْرٍ)  فهو أول من آمن به وصدّقه، فعندما يحظى الانسان بأصدقاء حقيقين فعلاً، فإنه قد حظيَ بالخير الوفير.

وتذكر يا صديقي المقولة التي تقول: قُل لي من تُصادق أقل لكَ من أنت، فصديقُك هو انعكاسُك، فأحسن الاختيار.

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

مقياس الذكاءات المتعددة : دليل شامل لفهمها!

يُعدّ مقياس الذكاءات المتعددة، نهجًا مبتكرًا لفهم القدرات العقلية البشرية، حيث يتجاوز المفهوم التقليدي للذكاء الذي يعتمد على اختبارات القياس

نوبات الهلع : الأسباب والأعراض والعلاج دون دواء!

حسنًا، دعني أسألك أولًا، هل سبق لك أن شعرتَ فجأةً بالخوف الشديد، وكأنّ العالم من حولك ينهار؟! هل غمرتْكَ موجةٌ

الهوية الجنسية : الإجابة على سؤال من أنا ؟!

عند الحديث عن الهوية الجنسية، نحن لا نتحدث فقط عن الجوانب الجسدية أو البيولوجية، بل نتعمق في أعماق النفس البشرية،