(13/10/2024)

يعدّ الوسواس القهري أحد أنواع الاضطرابات النفسية، يظهر بأفكار ومخاوف غير منطقية (وسواسية) تؤدي إلى تكرار بعض التصرفات إجباريًا (قهريا)، مما يعوق الحياة اليومية.

حيث أنه من الطبيعي أن تعود في بعض الأحيان للتحقق من فصل المكواة عن الكهرباء، أو أن تقلق من احتمال تلوث يديك بالجراثيم، أو حتى أن تخطر ببالك فكرة أن تُعيد الوضوء مرة أخرى. 

ولكن إذا كنت تعاني من اضطراب الوسواس، فإن الأفكار الوسواسية والسلوكيات القهرية تصبح مستهلكة للغاية، لدرجة أنها تتداخل مع حياتك اليومية.

هذا المشهد يختصر تجربة العديد من الأفراد الذين يعانون من الوسواس القهري (OCD)، وغالبًا ما يشعرون بالعزلة والإرهاق، لكن العلاج النفسي، بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي (CBT) وغيره من الأنواع، قد يُحدث فرقًا هائلاً في حياتهم. 

ومن خلال فهم هذا الاضطراب ووسائل التعامل معه، يمكن لهؤلاء الأفراد استعادة السيطرة على حياتهم والتغلب على التحديات التي يواجهونها.

إذا كنت ترغب في استكشاف المزيد حول الوسواس القهري وكيفية التعامل معه بطرق علاجية فعالة، ودون أدوية، ندعوك لقراءة المقال كاملاً.

كما يمكنك متابعة مدونة مركز مطمئن للاستشارات النفسية، للحصول على مزيد من المعلومات المفيدة لدعم صحتك النفسية.

مفهوم الوسواس القهري 

وفقًا لوزارة الصحة السعودية، فإن الوسواس القهري هو مجموعة أفكار غير منطقية وتصرفات إجبارية ناتجة عن القلق، يعيق أداء المهام اليومية ويهدر وقت الشخص دون أسباب منطقية.

يُصنّف هذا الاضطراب ضمن الاضطرابات النفسية الشائعة التي تؤثر على حياة الكثيرين، ويتّسم بأفكار غير مرغوب فيها، لا يمكن السيطرة عليها وسلوكيات متكررة، يشعر الشخص بالإجبار على القيام بها. 

إذا كنت تعاني من  هذا الاضطراب، فمن المحتمل أنك تدرك أن أفكارك الوسواسية وسلوكياتك القهرية غير عقلانية – ولكن حتى مع ذلك، تشعر بعدم القدرة على مقاومتها والتحرر منها.

مثل إبرة عالقة في كومة قش قديمة، يتسبب اضطراب الوسواس القهري في تعلق الدماغ بفكرة أو رغبة معينة.

على سبيل المثال، قد تتحقق من الموقد 20 مرة للتأكد من أنه مطفأ حقًا، لأنك تخشى أن يحترق منزلك، أو تغسل يديك مراراً، حتى تصبح نظيفتين خوفًا من الجراثيم.

وبينما لا تستمد أي شعور بالمتعة من أداء هذه السلوكيات المتكررة، إلا أنها قد توفر بعض الراحة العابرة للقلق الناتج عن الأفكار الوسواسية.

أنواع الوسواس القهري

من المهم أن نفهم أن الوسواس القهري لا يقتصر على نوع واحد فقط، بل هو مجموعة من الأنواع التي يمكن أن تتداخل في حياة الأفراد وتؤثر عليهم.

وتختلف الأنواع بحسب طبيعة الوساوس والسلوكيات المرتبطة بها إلى : 

الوسواس القهري المرتبط بالتنظيف

يتعلق هذا النوع من الوسواس بالخوف من الجراثيم، الأوساخ، أو التلوث. 

حيث يُعاني الأفراد من أفكار ملحّة تدفعهم إلى تنظيف أنفسهم أو محيطهم بشكل مفرط. 

مثال: قد يشعر الشخص بالحاجة المستمرة لتنظيف يديه بعد لمس مقبض باب، أو يمضي وقتًا طويلاً في تنظيف منزله.

الوسواس القهري المرتبط بالتأكد 

يتضمن هذا النوع الشكوك المستمرة حول ما إذا كانت الأمور قد تمت بالشكل الصحيح، حيث يتكرر الفحص والتأكد كوسيلة للتخفيف من القلق الناتج عن هذه الأفكار.

مثال: قد يتكرر لدى الشخص الحاجة إلى التأكد من إغلاق الأبواب، أو إيقاف أفران الطهي عدة مرات قبل مغادرة المنزل.

الوسواس القهري المرتبط بالنظام والترتيب 

يشعر الأفراد الذين يعانون من هذا النوع بضرورة تنسيق الأشياء بطرق محددة، وغالبًا ما يشعرون بالقلق إذا لم يتم ذلك. 

مثال: شخصًا يقوم بترتيب العناصر في صفوف متساوية، أو يعيد تنظيم مكتبة حسب الألوان أو الأحجام بشكل متكرر.

الوسواس القهري المرتبط بالتحقق من الأفكار

هذا النوع يتعلق بأفكار تتعلق بالقلق والذنب، حيث يشعر الفرد بالحاجة إلى التحقق من تصرفاته أو أفكاره بشكل مفرط.

مثال: قد يشعر الشخص بأنه بحاجة إلى تكرار الصلاة، أو القيام بطقوس معينة للاطمئنان بأنه لم يرتكب خطأ معين.

الوسواس القهري المرتبط بالاكتناز

يتميز بوجود صعوبة مفرطة في التخلص من الأشياء أو التخلي عنها، مما يؤدي إلى تراكم غير عادي للأشياء في مكان المعيشة أو العمل. 

ويذكر هنا أن هذا الاضطراب في بعض الأحيان، يُعتبر جزءًا من اضطراب الوسواس القهري، ولكنه يُعرف كحالة مستقلة بموجب معايير التشخيص في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5).

مثال : يعاني الأفراد المصابون بهذا الاضطراب من صعوبة كبيرة في التخلص من الأشياء، حتى الأشياء التي يعتبرها الآخرين غير ذات قيمة. 

يمكن أن تشمل هذه الأشياء الصحف القديمة، الملابس، الألعاب، والأشياء المستخدمة الأخرى.

أعراض اضطراب الوسواس القهري

يعاني معظم الأشخاص المصابين باضطراب الوسواس القهري من الوساوس والسلوكيات القهرية معًا، ولكن بعض الأشخاص يعانون من أحدهما فقط.

تشمل الأفكار الوسواسية الشائعة ما يلي:

• الخوف من التلوث بالجراثيم أو الأوساخ أو تلويث الآخرين.

• الخوف من فقدان السيطرة وإيذاء النفس أو الآخرين.

• أفكار وصور جنسية صريحة أو عنيفة.

• التركيز المفرط على الأفكار الدينية أو الأخلاقية.

• الخوف من فقدان الأشياء.

• النظام والتناسق، وفكرة أن كل شيء يجب أن يصطف بشكل صحيح!
• الخرافات، والاهتمام المفرط بشيء يمكن أن يجلب الحظ  أو التشاؤم منه. 

كما وتشمل السلوكيات القهرية الشائعة مايلي: 

• المبالغة في إعادة فحص الأشياء، مثل الأقفال، والأجهزة، والمفاتيح.

• التحقق بشكل متكرر من أحوال أحبائك للتأكد من أنهم آمنون.

• العد، والنقر، وتكرار بعض الكلمات، أو القيام بأشياء أخرى لا معنى لها لتقليل القلق.

• قضاء الكثير من الوقت في الغسيل أو التنظيف.
• ترتيب أو إعادة ترتيب الأشياء “كما هي”.
• الصلاة أو الوضوء أكثر من مرة.
• الاحتفاظ بالأشياء، مثل الصحف القديمة وغيرها. 

علاج اضطراب الوسواس القهري

يعد العلاج المعرفي السلوكي هو العلاج الأكثر فعالية ويتضمن عمومًا عنصرين:

• التعرض ومنع الاستجابة، والذي يتطلب التعرض المتكرر لمصدر الهوس.
• العلاج المعرفي ، الذي يركز على الأفكار الوسواسية والشعور المبالغ فيه بالمسؤولية الذي يشعر بها الشخص. كما أن جزء كبير من العلاج المعرفي لاضطراب الوسواس القهري هو تعليم الأشخاص طرقًا صحية وفعالة للاستجابة للأفكار الوسواسية، دون اللجوء إلى السلوك القهري.

علاجات الوسواس القهري الأخرى:

بالإضافة إلى العلاج السلوكي المعرفي، يتم استخدام العلاجات التالية أيضًا لاضطراب الوسواس القهري:

العلاج الأسري 

نظرًا لأن اضطراب الوسواس القهري غالبًا ما يسبب مشاكل في الحياة الأسرية والتكيف الاجتماعي، فإن العلاج الأسري يمكن أن يساعد في تعزيز فهم الاضطراب والحد من الصراعات الأسرية. 

كما يمكن أن يحفز أفراد الأسرة ويعلمهم كيفية مساعدة بعضهم.

العلاج الجماعي

من خلال التفاعل مع مرضى الوسواس القهري، يوفر العلاج الجماعي الدعم والتشجيع ويقلل من الشعور بالعزلة.

نصائح مركز مطمئن لمساعدة المصاب بالوسواس القهري

إن الطريقة التي تتفاعل بها مع أعراض اضطراب الوسواس القهري لدى أحد أحبائك قد يكون لها تأثير كبير على نظرته إلى حالته ومدى تعافيه.

فالتعليقات السلبية أو الانتقادات قد تؤدي إلى تفاقم اضطراب الوسواس القهري، في حين أن البيئة الهادئة الداعمة قد تساعد في تحسين نتائج العلاج.

 

إليك بعض النصائح المهمة: 

• تجنب توجيه انتقادات شخصية.
•  تذكر أن سلوكيات اضطراب الوسواس القهري لدى من تحب هي أعراض وليست عيوبًا في الشخصية.

• لا توبخ شخصًا مصابًا باضطراب الوسواس القهري أو تطلب منه التوقف عن أداء طقوسه. فهو لا يستطيع الامتثال، والضغط عليه للتوقف لن يؤدي إلا إلى تفاقم السلوكيات.

• كن لطيفًا وصبورًا قدر الإمكان. يحتاج كل مريض إلى التغلب على المشكلات بالسرعة التي تناسبه. 
• امتدح أي محاولة ناجحة لمقاومة اضطراب الوسواس القهري، وركز انتباهك على العناصر الإيجابية في حياة الشخص.

• لا تتلاعب بطقوس من تحب، ادعم الشخص وليس قهره!

• حافظ على التواصل إيجابيًا وواضحًا. 
• ابحث عن روح الدعابة، فقط تأكد من أن من تحب يشعر بالاحترام ويشارك في النكتة.
• لا تدع اضطراب الوسواس القهري يسيطر على حياتكم العائلية، اجلس مع عائلتك وقرر كيف ستعملون معًا للتعامل مع أعراض من تحب.
•  حاول أن تحافظ على الحياة العائلية الطبيعية قدر الإمكان وأن يكون المنزل بيئة خالية من التوتر.

لقد أثبتت الأبحاث أن العلاج يمكن أن يحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الأفراد الذين يعانون من الوسواس القهري، مما يمكّنهم من تخفيف الأعراض واستعادة السيطرة على أنفسهم وعلاقاتهم. 

إذا كنت أنت أو أحد أحبائك تعاني من الوسواس القهري أو تشعر بأنك بحاجة للمساعدة، فإن فريق مركز مطمئن للاستشارات النفسية هنا لدعمك!

لا تتردد في الاتصال بقسم الخدمات لدينا، فنحن على استعداد لتقديم الرعاية والعلاج المناسب بإذن الله.